اللحظة تاريخية بامتياز… الكويت تتحول من اقتصاد نفطي لمركز مالي وتكنولوجي إقليمي
في خضم التغيّرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، بدأت الكويت تفرض نفسها كلاعب رئيسي جديد على خريطة الاستثمار الدولي.
وبعيداً عن تقلبات أسواق النفط، تُظهر البلاد حالياً تحولاً جذرياً مدعوماً بإرادة سياسية للإصلاح وتطبيق قوانين جديدة، أبرزها في قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر وتطوير سوق المال.
هذا الزخم لم يمر مرور الكرام، فبعد سنوات من الثبات، بدأت المؤسسات الدولية الكبرى، من وكالات التصنيف الائتماني وصولاً إلى عمالقة إدارة الأصول، في إعادة تقييم جاذبية الكويت. فرفع التصنيف الائتماني من ستاندرد آند بورز (S&P)، والدخول التاريخي لشركات بحجم «بلاك روك»، ليس مجرد أحداث عابرة، بل مؤشرات قوية على أن الكويت تقف على أعتاب موجة استثمارية وتنافسية غير مسبوقة.
وفي عالم يتسارع فيه التنافس الاقتصادي، تبرز الكويت كوجهة ناشئة للاستثمارات العالمية، مدعومة بتحسن ملحوظ في مؤشراتها الدولية. مع ارتفاع تصنيفها في مؤشر التنافسية العالمي (IMD) لعام 2025 إلى المركز 36 عالمياً (من 37)، وبزيادة الدرجة العامة من 65.03 إلى 68.69 نقطة، تؤكد الكويت أكبر قفزة بين دول الخليج هذا العام، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي تقدّمت في جميع المحاور الأربعة الرئيسية للمؤشر: الأداء الاقتصادي، كفاءة الحكومة، كفاءة الأعمال، والبنية التحتية.
إصلاحات ناجحة
ويُعدّ مؤشر «IMD» أحد أبرز الأدوات العالمية لقياس التنافسية. وجاء التحسن الرئيسي في محور «الأداء الاقتصادي» بزيادة 12 درجة كاملة، وهو يعكس نتائج الإصلاحات الهيكلية المتتابعة، ومن أبرزها تطوير سوق المال، مثل إنشاء الوسيط المركزي، وترقية بورصة الكويت التي باتت وجهة جاذبة لصناديق المؤشرات العالمية مثل (MSCI) و(FTSE).
إضافة إلى ذلك، فإن قرار «S&P» برفع التصنيف الائتماني السيادي للكويت إلى «-AA»، مع نظرة مستقبلية مستقرة، يُعد شهادة ثقة في صلابة المركز المالي للبلاد وقدرة الحكومة على مواصلة الإصلاحات المالية والهيكلية.
وقود المواهب
ويُعد توفر الكفاءات المحلية المؤهلة عاملاً حاسماً للمستثمر الأجنبي. وفي هذا الصدد، قفزت الكويت 3 مراتب في مؤشر تنافسية المواهب العالمي 2025 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية«IMD»، لتحتل المركز 28 عالمياً بنقاط 62.61، متفوقة على أسواق كبرى مثل الصين واليابان وبريطانيا، والمركز الثالث خليجياً، فيما تأتي أبرز نقاط القوة في هذا المحور:
المركز 9 عالمياً في محور «الاستثمار والتطوير».
2 – المركز 11 في مشاركة المرأة المتعلمة جامعياً في سوق العمل، وهي نسبة مرتفعة عالمياً.
3 – إنفاق تعليمي مرتفع يصل 20 ألف دولار سنوياً على الطالب الواحد.
هذه الأرقام تجعل الكويت ليست مجرد سوق استهلاكية، بل منصة حقيقية لتطوير المواهب، وهو ما يبحث عنه المستثمرون العالميون بالضبط لتعزيز عملياتهم الإقليمية.
ومن المركز 53 في تنافسية المواهب عام 2015 إلى المركز 28 اليوم في النسخة 11 من مؤشر التنافسية العالمية للمواهب (GTCI) للعام 2025 الصادرة عن كلية إنسياد للأعمال بالشراكة مع معهد بورتولانس في واشنطن، أي قفزة 25 مركزاً في 10 سنوات فقط، تُعد الكويت صاحبة أكبر تحسن خليجي في هذا المجال على الإطلاق اليوم.
وبفضل الإصلاحات المتسارعة التي استجابت لمتطلبات التنافسية الدولية، وتحسن التصنيفات الائتمانية، وثقة عمالقة الاستثمار العالمي التي تجسدت في توافد المؤسسات الكبرى، تقف الكويت على أعتاب تحول حقيقي.
اللحظة تاريخية بامتياز، فالكويت تتحول بثبات من اقتصاد يعتمد بشكل أساسي على الموارد الهيدروكربونية إلى مركز مالي وتكنولوجي إقليمي، لاسيما بعد أن تقدمت الكويت 3 مراكز في مؤشر التنافسية الرقمية لعام 2025، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.




