الدكتور عمرو الرئيس: غوارديولا بين الإشادة والاتهام
يعتبر مدرب نادي مانشستر سيتي الإسباني جوسيب غوارديولا من أفضل مدربي كرة القدم حالياً و من الشخصيات التي تختلف حولها الآراء فمنهم من يراه مدرباً أسطورياً حقق نقلة في كرة القدم و حقق إنجازات هائلة و منهم من يراه مدرباً عادياً خدمته الأندية التي دربها
بدأ غوارديولا مسيرته التدريبية في برشلونة، ومن ثم في موسم ٢٠٠٨ حل محل فرانك ريكارد ليكون مدرب الفريق الأول
كان تعيين غوارديولا بخبرة معدومة على مستوى التدريب مغامرة كبيرة أخذها كرويف على عاتقه وراهن عليه ورفض تعيين مورينيو يومها مدرباً لفريق برشلونة بالرغم من كونه (مورينيو) كان قاب قوسين أو أدنى من التعيين
غوارديولا رد الجميل بأحسن صورة لملهمه كرويف و صعق الجميع بتحقيق السداسية الأولى في تاريخ الكرة الأوروبية ومن أول موسم تدريبي له
استمر غوارديولا مع برشلونة من ٢٠٠٨ حتى ٢٠١٢ قاد الفريق الأسطوري لبرشلونة لتحقيق ١٤ لقب منها لقبي دوري أبطال
توقف بعدها عن التدريب لعام تعلم خلالها اللغة الألمانية ليكون مدربا لبايرن ميونخ لفترة امتدت ثلاث سنوات ٢٠١٣-٢٠١٦ و يحقق سبعة ألقاب لم يكن منها أي لقب لدوري الأبطال
بعدها انتقل لتدريب مانشستر سيتي و اعتبارا من ٢٠١٦ وحتى تاريخ اليوم في سبع مواسم حقق ١٥ لقب مع السيتي كان آخرها الثلاثية التي أكمل أضلاعها بلقب دوري الأبطال الأول للسيتي
مسيرة تدريبية مليئة بالإنجازات قاد خلالها فرق برشلونة وبايرن ميونخ ومانشستر سيتي لتحقيق ٣٥ لقباً في ١٥ موسم تدريبي
ولنقارب الآن وجهتي النظر
غوارديولا المدرب المحظوظ_
ثم تنتقل لفريق من الطبيعي أن يحقق بطولة الدوري في بلاده بفارق عن المنافسين و يملك تشكيلة صاروخية لا تقارن بأي فريق ألماني بل أنها من الأجمل في أوروبا أيضاً، روبين وريبيري وليفا وكيميتش وفيليب لام ومولر وأسماء ممتازة لا تنتهي و تفشل بتحقيق دوري الأبطال مع هذا الفريق بعد أن حققه سلفك يوب هاينكس بنفس اللاعبين و باكتساح فريقك السابق في نصف النهائي
أن تبدأ مسيرتك مع فريق يصنف من أحسن الفرق التي لعبت كرة القدم عبر التاريخ و بالجيل الأسطوري فتملك في تشكيلتك لاعبا أسطورية اسمه ميسي في عز انطلاقته و خط الوسط الأكمل عبر التاريخ و المكون من تشافي انيستا بوسكيتس مع بويول و داني ألفيس و آخرون فأنت بلا شك كنت محظوظا بهم و إن كنت حققت مع هذا الفريق ١٤ لقب في ثلاث سنوات فهذا الفريق قادر أن يحقق البطولات حتى بدون أن يمتلك مدرباً
وأخيراً تنتقل لمانشستر سيتي و تشتري الكثير من اللاعبين و تفشل بتحقيق دوري الأبطال حتى حققته اليوم بعد سبع مواسم و بعدما صرفت ما يزيد عن مليار يورو لتحقيق هذا الهدف
كل هذه الأسباب تقود قسم من كارهي غوارديولا لانتقاده و اعتبار أنه مدرب متوسط كان محظوظاً باختيار خطواته بعناية بين فريق قوي لآخر
نقطة أخرى تحكى عنه تخص موضوع إصراره على الإستحواذ و امتلاك الكرة و عدم مرونته التكتيكية مما عرضه لمواقف خرج فيها في المنافسات الأوروبية بالمواسم الأخيرة ظهر فيها عاجزاً تكتيكياً
غوارديولا مدرب المتعة و الكمال_
بنفس الوقت فإن بقية المتابعين يجدون في غوارديولا مدرباً عبقرباً متع المتابعين بكرة قدم لا تنسى
غوارديولا استلم فريق برشلونة من ريكارد و كان الفريق يعاني لموسمين بعد أن حقق تشامبيونز ٢٠٠٦، الفريق مر بوضع لا يسر فجاء و قام بثورة أطاحت برونالدينو وديكو وزامبروتا وفي الموسم التالي لحق إيتو بمجموعة الراحلين
في المقابل قدم غوارديولا للعالم الفريق الذي قدم واحدة من امتع و أعلى مستويات الكرة و حقق معهم سداسية من أول موسم ثم جمع ١٤ لقباً في أربع سنوات
هناك الكثير من الأجيال العظيمة مرت بتاريخ كرة القدم و حققت أمجاد و لم ينقص أحد من قيمة عمل المدربين الذين قادوها وكمثال هل يجوز أن نبخس حق زيدان عندما قاد جيل أسطوري لريال مدريد (حين امتلك كريستيانو رونالدو بعزه ولاعبين مميزين اخرين) لتحقيق نتائج تاريخية و هل يجوز أن نقول بأن الريال كان قادراً على تحقيق هذه الإنجازات بزيدان أو من دونه بالتأكيد لا
من فريق أمتلك الكثير من النجوم فشل بتحقيق النتائج لعدم قدرة المدرب على دمج هؤلاء النجوم و استخراج أفضل ما لديهم
عندما انتقل غوارديولا للبايرن استلم من هاينكس الفريق الذي حقق الثلاثية في ٢٠١٣ ف حقق سبع بطولات لم يكن منها دوري الأبطال و من هنا كان الانتقاد
ولكن الجواب البسيط بأنه بعد رحيله من ميونخ من ٢٠١٦ و لتاريخ اليوم لعب الفريق سبع مواسم في دوري الأبطال ولم ينجح سوى بتحقيق لقب واحد فهل صار تأهل البايرن لنصف النهائي كارثة يلام عليها المدرب لأنه لم يحقق اللقب
البايرن تاريخيا حقق ٦ ألقاب دوري أبطال منها ثلاثة ألقاب متتالية ٧٣-٧٤-٧٥ و بعد ذلك و عبر ٤٨ سنة حقق ٣ ألقاب دوري أبطال بمعدل لقب كل ١٣ موسم فكيف يقارب البعض عدم تحقيق البطولة خلال ثلاث سنوات بالفشل الذريع
بعد غوارديولا لعب البايرن سبع مواسم في الأبطال فحقق اللقب في موسم ووصل لنصف النهائي في موسم وخرج من الدور الربع نهائي في ٣ مواسم بينما خرج من دور الـ ١٦ في موسم فهل الوصول لنصف النهائي في موسمين و ربع النهائي في موسم آخر (خلال ٣ مواسم مع غوارديولا) يعتبر كارثة في تاريخ هذا النادي كما يحاول البعض أن يسوقها ؟؟؟!!
وأخيراً اذا كان بيب استلم فريق بطلاً من هاينكس فها هو ناغليسمان استلم فريقاً تاريخياً من فليك وخرج بالموسم التالي على يد فياريال من دور الربع نهائي فلماذا لم نسمع عن ناغليسمان ما يقوله بعض كارهي غوارديولا.
ونأتي أخيراً للسيتي آخر فريق دربه الفليسوف
يقال بأن الفريق صرف ما يزيد عن مليار يورو وبأنه رغم ذلك فشل بتحقيق اللقب و بأن غوارديولا لا يحقق إلا الألقاب المحلية للسيتي
فهل الكلام عن مليار و ٢٠٠ مليون يورو مشتريات لاعبين عادل أم أننا يجب أن نتحدث عن (صافي الإنفاق) بعد طرح ما تم بيعه من لاعبين مما تم شراؤه ، مثلا في الموسم الماضي وحده باع السيتي لاعبين ب ٢٢٩ مليون يورو فمول صفقات أخرى فهل يجوز أن نتكلم عما اشتراه دون ذكر ما باعه
أمر آخر هل تعرفون بأن جائزة الفوز بالدوري الانجليزي هي ١٦٠ مليون استرليني ما يعادل ١٨٦ مليون يورو، في حين تبلغ جائزة الفوز بالأبطال ١١٥ مليون يورو .
السيتي حقق مع بيب ٥ ألقاب دوري انجليزي من أصل سبع مرات نافس فيها، نعم خمس ألقاب في دوري يصنف بأنه الأصعب و الأشد تنافساً و مع ذلك نجح بتحقيق هذا الإنجاز الذي سمح له بالحصول على ٩٣٠ مليون يورو فقط نتيجة تحقيق خمس بطولات من الدوري الإنجليزي
فلو أضفنا لهم جوائز الوصول للنهائي في موسم ونصف النهائي في موسم وربع النهائي في ٣ مواسم و تحقيق لقب هذا الموسم سنصل لـ ٤٠٠ مليون يورو أخرى
هل تعرفون بأن السيتي حقق ٣٠٠ مليون يورو هذا الموسم كجوائز للبطولات التي حصدها (فقط) في موسم واحد من أصل سبعة دربه فيها غوارديولا
لو جمعنا كل ما سبق سنجد أن السيتي حقق من حصد ١٥ لقب و مشاركاته في دوري الأبطال ما يصل لـ مليار و ٤٠٠ مليون يورو
فهل لا زال ميزان غوارديولا الاقتصادي خاسراً في إدارته للسيتي برأيكم ؟؟
هذا ما عدا المعلنين الذين يتنافسون للحصول على قمصان الفريق بسبب إنجازاته .
إذا تحول السيتي من فريق حقق لقب دوري مع مانشيني بعد خمسين سنة صبر لفريق سيطر على الكرة الإنجليزية مع غوارديولا
والأحلى من كل ذلك فإن الجميع يعترف بأنه يقدم كرة القدم الأجمل ربما بعد برشلونة العصر الذهبي
نقطة أخرى يجب أن يشار لها عند مناقشة موضوع غوارديولا
هل يختلف لاعبي غوارديولا قبل أن يتدربوا تحت إمرته و بعدها ؟؟
لنقارن بعض الأسماء من مانشستر سيتي حتى ندرك حجم التغيير الذي يصنعه غوارديولا
أكانجي اشتراه ب ١٨ مليون هل كان في دورتموند مثل السيتي، برناردو سيلفا في موناكو و في السيتي، غوندوغان هل تذكرونه في دورتموند، هل تذكرون دي بروين في فولسبورغ و كيف هو اليوم، فودين أحد ناشئي مدرسة السيتي هو من نجوم الفريق اليوم بكلفة صفر يورو
هل لاحظتم تطور جون ستونز في هذا الموسم تحت قيادة بيب
طبعا هذا التطور الفني سوف يصاحبه تطور بالقيمة السوقية للاعب.
ولذلك نجد أن غوارديولا اشترى خيسوس ب ٢٧ مليون استرليني و باعه لأرسنال ب ٥٥ مليون
واشترى زيتشنكو بما يقارب المليون و باعه ب ٣٢ مليون لأرسنال
و اشترى فيران توريس ب ٢٣ مليون و باعه لبرشلونة ب ٥٥ مليون
و لو أراد بيع الفاريز الذي اشتراه ب ١٨ مليون استرليني فبكم سيبيعه اليوم ونفس الكلام ينطبق على اكانجي أو اكي أو رودري أو فودين
غوارديولا يصنع منظومة تظهر أفضل ما لدى نجومه و ترفع من قيمتهم السوقية
و لذلك فمقولة أن غوارديولا مدرب صرف الكثير هي مقولة ناقصة لأنك يجب أن تتبعها بأنه مدرب صرف الكثير ولكنه حقق الكثير من الألقاب و تالياً جمع الكثير من الجوائز المالية وحسن القيمة السوقية للاعبيه فباتت قيمتهم بأكثر مما اشتراهم و بالتالي فتقييم عمله اقتصادياً ناجح بكل الأبعاد
غوارديولا تغير كثيراً في الموسم الأخير في ما يتعلق بمسألة الاستحواذ و ظهر ذلك في مباريات دوري الأبطال ضد البايرن والريال وأخيراً الإنتر.
السيتي تحسن دفاعياً بشكل ملحوظ بعد التغيير التكتيكي بوضع ستونز ارتكاز دفاعي ، وقبله كان غوارديولا أظهر معدن مختلف لـ كيميتش مع البايرن و حتى بوسكيتس مع برشلونة كان نتاج تغيير مركزه من قلب دفاع ضعيف لأحسن لاعبي الارتكاز الدفاعي في جيله
كما بدأت مقالتي بأن غوارديولا شخصية اختلف عليها النقاد ولكنه صاحب فكر وبصمة في كرة القدم قدم الكثير وحقق الكثير و بالتأكيد فهو يعتبر من العلامات الفارقة في عالم التدريب المعاصر .