تحشيد عسكري لافت في اليمن.. استعراض أم تحضير لمعركة؟
تطل أزمة اليمن برأسها مجدداً، وسط تحذيرات أممية من احتمالية انهيار هدنة أبريل 2022 الهشّة، وما ستفرزه من تداعيات كارثية على المنطقة.
على الصعيد الميداني، تشهد الساحة اليمنية تحركات عسكرية مكثفة من قبل طرفي الصراع، وعلى الصعيد السياسي لا تتوقف اللقاءات في مسعى لتجنب التصعيد وتحقيق اختراق في جدار الجمود الراهن.
المبعوث الأممي استبق زيارته إلى السعودية بالتحذير من خطورة الإجراءات الأحادية، خصوصاً تلك التي اتخذها الحوثيون، ثم ذهب إلى الرياض يحدوه أمل في مواصلة المضي في مسار السلام.
لكن التحشيد العسكري من قبل الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، ينبئ بأن المرحلة المقبلة قد تكون مرحلة حرب لا سلام، فإلى أين يتجه اليمن في ظل هذه المعطيات؟
تحشيد الشرعية
خلال الأسبوعين الماضيين، قام وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، بزيارات ميدانية لعدد من المناطق العسكرية، الواقعة على تماس مع مناطق سيطرة الحوثي.
وزير الدفاع اليمني زار، خلال الأسبوع الماضي، قوات الجيش اليمني، في المنطقة العسكرية الخامسة في ميدي وحرض وحيران وعبس، بمحافظة حجة، على الحدود بين اليمن والسعودية، شمال غرب اليمن.
كما تفقد قوات الجيش في محور مران، ومحور علب، وجبهات كتاف والبقع ومحور الرزامات، بمحافظة صعدة، معقل جماعة الحوثي، وعلى التماس مع الحدود مع السعودية.
وشملت الجولة أيضاً قوات الجيش اليمني في المنطقة العسكرية السابعة، والمنطقة العسكرية الثالثة، بمحافظة مأرب، وكذا المنطقة العسكرية السادسة، في محافظة الجوف، وقوات درع الوطن في الوديعة، وتوجه إلى سيئون بمحافظة حضرموت.
وأثناء الزيارات، شهد وزير الدفاع اليمني استعراضات عسكرية ضخمة تظهر حجم ومستوى الجاهزية القتالية في صفوف القوات المسلحة اليمنية، كما وجه الداعري، قادة تلك القوات بضرورة رفع الجاهزية، لتنفيذ أي مهام مستقبلية، بهدف استعادة السيطرة على كامل الأراضي اليمنية وإسقاط انقلاب جماعة الحوثي.
يقابل هذا، إصرار سياسي من قبل قيادة السلطة في اليمن، على ضرورة تغيير طريقة التعاطي مع جماعة الحوثي، في مؤشر على أن الشرعية ممثلة بمجلس القيادة والحكومة تريد التقاط اللحظة، والاستفادة من الظروف الإقليمية والدولية للقضاء على انقلاب الحوثيين.
استنفار الحوثي
في مقابل تحركات الشرعية المكثفة، تعيش “الحوثي” حالة استنفار دائمة، في ظل مخاوف تسود أوساط الجماعة من تحرك عسكري وشيك ضدها، يتعاضد فيه الداخل مع الخارج.
وزادت الجماعة من احتياطاتها الأمنية، وسارعت لتنفيذ حملات اعتقال واسعة لقيادات وكوادر من حزب المؤتمر الشعبي العام، المتحالفين معها في صنعاء، بحجة أنهم يجهزون لمؤامرة بدعم خارجي.
الجماعة أيضاً تواصل حملات التعبئة العامة، من خلال إجبار موظفي مختلف مؤسسات الدولة على حضور دورات قتالية، في مناطق سيطرة الجماعة تحسباً لأي تصعيد.
كما دفعت الجماعة الآلاف من مقاتليها إلى جبهات القتال المتقدمة في حجة ومأرب والساحل الغربي، في حين حاولت الجماعة تنفيذ بعض عمليات التسلل في صعدة ومناطق أخرى، فيما يشبه عملية “جس النبض”.
ورفعت الجماعة جاهزيتها القتالية، بالتزامن مع تحركات وزير دفاع الشرعية، وعقدت اجتماعاً بقائد المنطقة العسكرية السادسة التي تشمل عمران والجوف وأجزاء من صعدة، لتدارس الموقف.
مشهد معقد
حالة التحشيد العسكري التي يشهدها اليمن حالياً، تتزامن مع مشهد إقليمي معقد، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانخراط جماعة الحوثي فيها، من خلال إطلاق الصواريخ والمسيرات ضد “إسرائيل”، وكذا استهداف السفن المرتبطة بالاحتلال في البحر الأحمر وخليج عدن.
انخراط الحوثيين في هذه العمليات، خلق معادلة أمنية جديدة في الإقليم، ودفع الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى إلى إعادة النظر في تعريفها للجماعة اليمنية المتمردة.
وسرعان ما تبنت الولايات المتحدة موقفاً متشدداً من “الحوثي”، وأعادت تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية في (يناير 2025)، كما بدأت واشنطن بالبحث عن آلية لردع الجماعة بعيداً عن الاستهداف المباشر الذي لم يثبت جدواه، كما كان متوقعاً.
وتشير تقارير أمريكية وغربية إلى أن واشنطن قد تدعم الحكومة اليمنية وقواتها للقضاء على تهديد جماعة الحوثي للملاحة الدولية، وسط انتقادات للتعاطي الأمريكي مع ملف الأزمة اليمنية خلال ما قبل حرب غزة




